التقى أعضاء المؤتمر الدولي لتكريم العلامة الملا عبد الله البهابادي اليزدي بحجة الإسلام والمسلمين السيد مجتبى الحسيني ممثل سماحة قائد الثورة في العراق٬ وأجروا معه محادثات.
في بداية اللقاء تحدّث الدكتور حسن عبدي پور المسؤول العلمي للمؤتمر الدولي لتكريم العلامة البهابادي اليزدي فاستعرض مجموع الفعاليات والنشاطات المنجزة من البداية وحتى اليوم٬ وأكّد على ضرورة معرفة علماء الشيعة على مرّ التاريخ وتعريفهم إلى الأجيال الجديدة.
وأضاف الدكتور عبدي پور: هناك العشرات من المؤسسات ومراكز الأبحاث الأوروبية التي تعكف على دراسة مختلف الموضوعات في المذهب الشيعي٬ ومهمتها الرئيسية هي تضخيم نقط الضعف الموجودة. وهي تنفق مبالغ طائلة من أجل تشويه التشيّع في عيون شعوب العالم٬ من هنا فإنّ التعريف بالمذهب الشيعي بلغة علمية وأكاديمية في العصر الحاضر هي مسؤولية الباحثين الكتّاب وهناك مشروع في هذا المجال هو قيد التنفيذ. يزخر التراث الشيعي بالنجوم الساطعة المتلألئة التي لها وزنها وثقلها في حقل الدين. إنّ كل ما عندنا من تراث قد وصلنا عن طريق هؤلاء العلماء٬ بيد أنّ القسم الأعظم من تراثهم وكتاباتهم ما يزال بعيدًا عن التحقيق والإحياء. وهي مهمة شاقة قلّما تصدّى لها الباحثون والمحققون٬ وبكلمة واحدة٬ إنّنا ما نزال في بداية الطريق.
وتابع عبدي پور حديثه قائلًا: علينا أن نشرع بنهضة تتضمن إيصال رسالة العلماء إلى النشء الجديد. إحدى الشخصيات التي يمكن أن تفيد عصرنا من خلال إحياء تراثها وأفكارها هو العلامة الملا عبد الله البهابادي اليزدي الذي كان جامعًا للمعقول والمنقول٬ وتتلمذ عليه الكثير من الطلبة العظام.
بعد ذلك تحدّث حجة الإسلام والمسلمين الحسيني وقال بأنّ تصدّي العلماء للشؤون السياسية هو جهاد واجب وأضاف: في الماضي كان تقلّد العلماء للمناصب السياسية يُنظر إليه كخدمة للسلطان٬ بيد أنّ نوايا العلماء ومنهم العلامة الملا عبد الله البهابادي فكانت خدمة الدين والمذهب. لذا٬ فإحياء آثار هؤلاء العلماء هي في الحقيقة نقل لأفكارهم وتعريفهم على حقيقتهم إلى الأجيال الجديدة؛ من هنا تنبثق ضرورة تشكيل ورشة عمل من الباحثين والمتخصصين لإحياء هذه الآثار٬ على أن يتمّ الأمر في غاية الدقة والاحتياط. طبعًا٬ من أجل ترميم وإحياء هذه الآثار هناك أشخاص مستعدون للقيام بهذا العمل بأقل الكُلف. وبالمناسبة هناك بعض المخطوطات المحفوظة في البيوت٬ وفي عهد النظام السابق تمّ نقل الكثير منها.
وتابع السيد الحسيني حديثه قائلًا: في إطار نشاطات المؤتمر٬ ثمّة مؤسسات بإمكانها تقديم المساعدة والعون في مسألة إحياء هذه الآثار؛ لذا٬ ينبغي إحياء الماضين وليس إحياء الأحياء. إنّنا نقوم بتنظيم دورات في العلوم الإنسانية لمدة سنتين لطلبة العلوم الدينية في الحوزة٬ الدورة القادمة هي دورة كتابة الإنشاء ويمكن أن نضمّنها موضوع إحياء التراث كأحد الدروس. وبالنسبة لأهمية التراث الشيعي ونوعيته والسبل الكفيلة بإنجاز هذا المشروع٬ لا بدّ من تهيئة معلومات مدوّنة عن هذه الشخصية في هذا المؤتمر٬ والاستفادة منها بالشكل المطلوب.
وتابع ممثل سماحة القائد في العراق فأثني على تشكيل الأمانة العامة لمؤتمر تكريم العلامة الملا عبد الله البهابادي، مشيرًا إلى أنّ تكريم هذا العالم الجليل وإحياء آثاره عمل مقدس ولا يقاس بشيء. وكل ما لدينا في الحوزات من علوم ومعارف دينية هي بفضل هذا التراث العظيم، تراث العلماء٬ الذين هم ورثة الأنبياء. الأنبياء هم المعلمون الحقيقيون لنا٬ ثم انتقلت علومهم وتراثهم من جيل إلى جيل حتى وصل إلينا٬ وعليه٬ إذا كان بمقدورنا أن نقوم بعملية إحياء للآثار٬ فإنّنا بذلك نكون قد صحّحنا سلسلة وصول المعاني والقيم والأحكام والمعارف والعلوم الإسلامية٬ لا سيّما العقائد منها. طبعًا طيلة هذا المسار الانتقالي للتراث ربما تمّ حذف بعض الموضوعات أو تكثيفها أو إضافتها.
وقال أيضًا: حتى الأئمة الأطهار عليهم السلام في عصرهم لم يسلموا من تهم الخصوم وافتراءاتهم٬ ولذا٬ لا بد من عملية فلترة وتصفية في هذا المجال٬ ولا يتسنّى ذلك إلّا من خلال دراسة تحقيقية وعلمية دقيقة وذلك من أجل معرفة مصادر هذا التراث وكيفية متابعته٬ حتى يمكن بلوغ مستوى الحجة إن تعذّر الوصول إلى مستوى اليقين؛ ولذلك نقول إنّه عمل مقدس٬ طبعًا دونه صعاب ومشاقّ جمّة. وهو عمل يحتاج إلى فريق عمل مؤلف من باحثين متمرّسين للقيام بأبحاث وتحقيقات في هذا المجال.
في الختام خاطب حجة الإسلام الحسینی القائمين على المؤتمر بهذه العبارة: إنّكم حقًّا حفظة إرث الأنبياء عليهم السلام والعلماء السابقون٬ إنّه عمل جدّ قيّم٬ ولا شكّ أنّنا سوف نستفيد كثيرًا من إصدارات هذا المؤتمر ونتاجاته. أدعو الله العلي القدير أن يحفظكم ويوفقكم ويسدّد خطاكم في مهمتكم هذه.