نائب رئيس جامعة المصطفى العالمية

حجة الإسلام والمسلمين مهدوي مهر

إن تكريم تاريخ وحياة الكبار والعلماء لا يتم من منظار مؤلف المعاجم أو دائرة المعارف، بل إنه بحاجة إلى عمل كبير مثل إحياء التراث. إن جمع ونشر مؤلفات الذين قدموا خدمات في تاريخ الإسلام، وقاموا بأنشطة خالدة، يعد مدلولا واضحا من تكريم الشعائر الإلهية، ولهذا السبب٬ إن ما تقومون به من أعمال في مجال إقامة مؤتمر للعلامة الملا عبد الله البهابادي رحمه الله محل تقدير فألف ألف شكر.

إن القضية التي يجب أن نعرفها عن فترة تواجد المرحوم العلامة البهابادي رحمه الله في العراق، هي أنه في فترة كانت العتبات المقدسة في العراق تحظى بدعم الحكومة الإيرانية، وهذه العلاقة استمرت في فترة الحكومة الصفوية وحتى بعدها أي في فترة الحكومة القاجارية وكانت الدول ملتزمة بتقديم الخدمة للعتبات المقدسة وكانوا يرون شرعيتهم في تلك القضايا. ففي فترة القاجارية لا يمكن اعتبار اهتمام الحكومة بالعتبات ينحصر في تدين ملوك القاجارية، بل المجتمع كان يطلب منهم القيام بهذا العمل. على هذا فان الحكومات وبعيدا عن سياساتهم وعقائدهم كانوا يرون أنفسهم ملزمين في تقديم الخدمة لقضايا الروضة المقدمة والعتبات المقدسة. في يومنا هذا يجب إحياء ونشر هذه الثقافة ذلك أنه يجب على أي دولة وبعيدا عن انتماءها أن تعتبر تقديم الخدمة لمقامات المعصومين عليهم السلام أصلا وركيزة.

لخدمات الشعب الإيراني والعراقي في الأماكن المتبركة تاريخ طويل الأمد وهذا الأمر يوفر الأرضية المناسبة للتعامل الإيجابي بين الدولتين. هذا وأن الاهتمام بهذه النقطة يعد مهما فإن خدمات الشعب والدولة في إيران سابقا كانت بارزة بسبب توفير الأرضية الملائمة من جانب المراجع والدول. إنني أرى بانه يجب تجديد ثقافة حب أهل البيت الدولية، ذلك أن الأئمة المعصومين عليهم السلام كانوا دائما محورا للوحدة المسلمين، وإن إقامة العزاء عليهم يعد ملتقى الوئام والاتحاد والقوة والانسجام بين مختلف الأعراق والقوميات. على سبيل المثال، في السنوات المنصرمة شاهدنا إقامة مراسم بمشاركة العشرات من الملايين من الشيعة والمذاهب الأخرى، والأديان كذلك، وهذا الأمر لا يتم إلا ببركة أهل البيت عليهم السلام. هذا ويجب أن نعتني بالحساسيات ويجب أن يتم أي نشاط بالتنسيق مع الإخوة العراقيين.

تعتبر إحدى طرق تقوية العلاقات التاريخية والتفاعل البناء بين الشعبين هو تعاون الحوزات العلمية في مدينة قم والنجف الاشرف. إنني أرى بأن الحوزة العلمية في قم هي بنت الحوزة العلمية في النجف الاشرف. إن هذه الحوزة لها تاريخ طويل لكن مع الأسف وبسبب السياسات الخاطئة لنظام البعث الدكتاتوري والمتعصب؛ ألحقت أضرارا كبيرة بها، لكن في إيران ومن خلال مساعي جبارة بذلتها شخصيات كبيرة نمت وترعرعت في الحوزة العلمية في النجف، بلغت الحوزة العلمية في قم مكانة سامية وإنها في يومنا هذا تعد كيوسف وصل مقام عزيز مصر، عليها أن تساعد يعقوب (حوزة النجف الاشرف) كي يبلغ مكانته الرئيسية والصدارة. على هذا فإن العلاقة والتفاعل بين الحوزتين يمكن ان تأتي بالكثير من البركات لعالم التشيع والإسلام العزيز.